الشغف والطموح هوية موحدة لمخرجي الأفلام السعودية
top of page

الشغف والطموح هوية موحدة لمخرجي الأفلام السعودية

الدمام: علي جوهر

شباب ينفخون السحر في اللقطة , يملئهم شغف التجريب و تفاصيل الامكنة بالزمن و الاثر في تجاعيد بيت او صدى موال و موجة او حكايا الجدات تارة , و اقتناص التفاصيل تارة اخرى في شارع او ملامح و التسلل من خلف كواليس تدلنا على مكامن جديرة للحياة . هكذا هم صانعي الافلام السعوديين المشاركين في مهرجان افلام السعودية في دورته الثانية تحت شعار في لمح البصر .

تجارب سينمائية وليدة  و صنيعة موهوبين و موهوبات في صناعة الفلم السعودي , استطاعوا من خلال نوافذ المهرجان تفسيرمايشعرونه بتجاربوممارساتفنيةمغايرةفيفن صناعة الفلم القصير سواء كان وثائقياً او روائياً , في وقت نشهد فيه غياب  دور سينما حقيقية و رسمية او معاهد و اكاديميات مختصة  يغرفون منها اساسيات و مناهج صناعة الافلام , و تلك اشارة صريحة ان الموهبة المقرونة بالشغف تفعل فعلها العجيب في انبات نخلات ذهبية ( شعار المهرجان ) و أن شحت الارض من راوية  و ضوء .

لهؤلاء الصناع تطلعات و طموحات ممتدةغير محدودة و افكار و اراء متجددة ليست قابلة للنضوب , و احلام ذات ابعاد مختلفة و الوان متنوعة  , كما عبروا عن سعادتهم و حماسهم  كونهم جزء من الدورة الثانية لمهرجان افلام السعودية , و يرى مخرج فلم / باص 123 / حسين المطلق الذي سبق و عرض  فلمه في مهرجان دبي السينمائي في نسخته الاخيرة , ان المهرجان فرصة حقيقية لاكتساب المعرفة و الثقافة اللازمة في هذا المجال , و شدد على ضرورة الاطلاع و الوعي و متابعة ما يستجد في صناعة الافلام و تقنياتها الحديثة , و حاجة المخرجين الشباب الى استمرار مثل هذا المهرجان اضافة الى معاهد التي تصقل المواهب .

و للمخرج ماجد السيهاتي رؤية يسعى لتحقيقها بمفاتيح  سينمائية  بعرض التراث بلغة عالمية , و ابدى المخرج مهنا المهنا ابتهاجه بالبعث الجديد لمنصة  مهرجان افلام السعودية  التي تعتبر من اهم منصات العرض في الاوساط  السعودية  , و سعيد  بكثافة الحضور في صالة العرض كدليل  على اهمية هذا التجمع النادر الحدوث  , و هناك قفزة ملحوظة و تطور في صناعة الصورة و الصوت و السيناريو  مقارنة  بالدورة الاولى عام 2008 و هذا مؤشر على شراسة المنافسة في المسابقة , و لا يختلف المهنا في رغبته باستمرار المهرجانات لأنها الرافد الاساسي للارتقاء بهذه الصناعة في السعودية .

شعور عظيم ان تشاهد افلامك  تعرض في وطنك , هذا ما يعتقده المخرج محمد اسامة  المصري  الذي كانت بدايات  تجربته في صناعة الافلام من المرحلة المتوسطة بشكل بسيط و يعتبر بدايته الجادة  في عام 2009 بإخراج فلم بعنوان وجوه , و يعتمد على ذاته في التثقف سينمائيا و بالاحتكاك مع الشباب الاكثر خبرة في صناعة الافلام , ساعياً الى الاحترافية اكثر و العمل على النص و الفكرة و بناء السيناريو  بشكل اكبر و البحث عن مصادر تمويل لإنتاج الافلام بدل الاعتماد على التمويل الذاتي , كما يطمح المصري ذات ان يصل الى منصات الاوسكار و يرى ان مواقع التواصل الاجتماعي و اليوتيوب ليست منصة عرض سينمائي .

و من المفارقات التي تلفت النظر تشعب المواهب و الادوار للمخرجين فيمارسون كتابة السيناريو و التمثيل و الانتاج كعبد الله احمد مخرج فلم نص دجاجة و ظهوره كممثل في فلم جناح الضيافة و فلم ثلاث عرائس و طائرة ورقية , الذي عبر عن استيائه لانقطاع المهرجان لمدة ثمان سنوات بعد مشاركته في الدورة الاولى بفلم هامس القمر , و لم يخفي فرحته العارمة بعودة المهرجان و الاحساس بالفخر للجهود الشبابية المبذولة في تنظيم هذا الحدث على اكمل وجه , من جهة اخرى عبد الله احمد يمتلك جراءة في تجريب مذاهب و انماط  و تقنيات متنوعة في اخراج افلامه ما بين الكوميديا السوداء و الدراما و افلام الاسود و الابيض و المذهب التجريبي و نمط اللوكيشن الواحد و الممثل الواحد و صولا الى التحضير حاليا لفلم روائي طويل , و ناشد وزارة الثقافة و الاعلام أن تدعم صانعي الافلام السعوديين لانهم و افلامهم يمثلون نافذة مفتوحة على الخارج لتحقيق منجزات تتوافق مع المقاييس العالمية . و نظراً لغياب دور السينما اعتبر  المخرج عبد الله احمد أن موقع اليوتيوب هو الخيار المناسب و المتاح لعرض ما ينتجه الشباب من اعمال مما تسبب في طفرة فنية و كثافة انتاج و لكن ذلك لا يغني عن تحقيق حلم وجود صالات العرض الرسمية .

اما المخرج يعقوب المرزوق الذي انطلق مشواره في صناعة الافلام منذ عام 2005 كمصور فوتوغرافي و كاتب و ممثل , و الانتشار الواسع لأول تجربة فلمية كانت نقطة مفصلية في تثبيت اقدامه و المضي قدما كمخرج  مستقل في انتاج  اعمال اكثر حرفية و مهنية  فكان فلمه القصير الكوميدي / بحلم بيك الذي تم تصوير مشاهد منه في القارة الأوروبية  , و يعمل حاليا على فلمين / نفسي اطير و فلم / خردة بعد التحاقه في ورش عمل لفن كتابة السيناريو بإشراف السيناريست الاماراتي محمد حسن احمد , في سعي حثيث نحو العالمية في صناعة الافلام . و لا يقبل المرزوق فكرة الاكتفاء بعرض الافلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي و اليوتيوب و من غير المقبول حسب رايه ان يصنع فلماً سينمائيا لتتم مشاهدته من خلال شاشة جهاز نقال مكسور الشاشة بعد بذل جهد و ميزانية , و لا شيء مثل دور السينما لعرض الافلام . و يطمح احد اصغر المخرجين المشاركين في المهرجان محمد الهليل لصناعة فلم سينمائي جميل يفخر فيه و برفع من شأن الفلم السعودي . و يعتقد المخرج علي ال حمزة ان عرض الافلام من خلال اليوتيوب يسلب من الافلام روح السينما مما يفقد الافلام الكثير من جماليتها الفنية و قيمتها الحقيقية .

السينما قادمة  بقوة لا محالة كما يرى صانع الافلام و رئيس قسم الميديا في جمعية الثقافة و الفنون فرع الاحساء المخرج علي الشويفعي , و استدرك ان فترة التوقف للمهرجان  كانت مفاجئة و محبطة لكنها لم تأثر في حماسة الشباب لصناعة افلام قصيرة و عدم التوقف حيث يعزو ذلك لاطلاع الشباب و التحاقهم بدورات متخصصة و الاحتكاك بالمهتمين بصناعة الافلام , و يشارك الشويفعي كل المخرجين السعوديين نفس الهم في قلة الدعم من الجهات المعنية , الا ان من يملك الشغف الحقيقي بالأفلام لن يعيقه قلة و غياب الدعم و سيصل الى مراتب متقدمة .

لا حد لشغف صناع الافلام السعوديين و ذلك يتجلى في تأسيسهم مشاريع تجارية ذات علاقة بصناعة الافلام و الصورة  لتتم مزواجة الشغف و الاستثمار , و الدخول في شراكات ضخمة مع المهرجانات السينمائية المحلية لتمكين القدرة في المواهب على استفزاز النطق في الصورة , و الاحتفاء بالسينما السعودية و صناع الافلام و بناء مستقبل , و كمثال لذلك رئيس شركة قمرة المخرج عوض الهمزاني الذي عقد شراكة مع المهرجان سعيا للدعم بكل الطرق الممكنة لضمان استمرار المهرجان و الجمال , حيث يرى ان السعودية مليئة بالقصص و مليئة بالصور التي من الممكن عرضها سينمائيا و كذلك ثرية جدا بالمواقع التي تناسب القصص و الحاجة فقط الى مواهب حقيقية تقدم السعودية الى العالم بلغة الصورة كما تاريخها و كما حاضرها , و أن المهرجانات مثل مهرجان افلام السعودية تحرك  حماس الشباب و المواهب لتقديم مشاريع افلام يتم احتوائها و الاحتفاء بها  , و التتويج الاكبر  لصانع الفلم أن يتم عرض فلمه في بلده . و مقارنة بالأفلام الخليجية يرى الهمزاني ان الافلام السعودية أجمل رغم غياب الصناعة الرسمية , و يسعى الهمزاني لامتداد تجربة مهرجان افلام السعودية في المنطقة الشرقية الى جميع مناطق المملكة , و بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي و اليوتيوب هي وسيلة مهمة و منقذة و لولا تلك الوسائل لما حدث حراك سينمائي في السعودية و اكبر شاهد على ذلك شغف الشباب و الفتيات السعوديين على اقتناء احدث معدات التصوير و ادوات صناعة الافلام و حضور الدورات المتخصصة . و عبر عن الحاجة الى تعميم التعليم السينمائي في المدارس و الكليات و الجامعات و استمرار الاحتفاء في المهرجانات السينمائية و دور سينما و وعي اكبر بنفس التزامن  لتكتمل منظومة صناعة الافلام السعودية .

و لم يكتفي المخرج السعودي الشاب المهند الكدم بارتجال التجريب و الممارسة الهاوية , بل انتقل الى مستوى اعلى في صقل قدراته الاخراج و التصوير السينمائي من خلال الدراسة الاكاديمية المتخصصة في مدرسة فانكوفر للإنتاج السينمائي في كندا , و ظهرت امكانياته السينمائية   بتجلي في اللغة البصرية العالية و التقاطات اخراجية متقنة في فلمه / بصيرة بطاقم كندي من ممثلين و عاملين في انتاج الفلم , و يربط المهند ظهور اختراع الكاميرا و بزوغ اول مشهد كثورة غيرت تاريخ العالم بشعار المهرجان في لمح البصر و يتخيل كيف سيخلد التاريخ صناع السينما السعوديين الشباب و انتاجهم  في هذه المرحلة الهاربة من الزمن  في اذهان الاجيال القادمة  و سيقال حينها أنه في عام 2015 كانت الولادة الحقيقية للسينما السعودية , و يتذكر مهند اول كاميرا اشتراها في عام 1999 و كانت بداية على استحياء و افلام اغلبها عائلية الى 2009 حينها اخرج اول فلم / الخروج من البيضة  الذي شارك به في مسابقة الشاشة لك و حقق جائزة لجنة التحكيم , و المشاركة الابرز تحقيقه المركز الثاني على مستوى العالم من بين 340  دولة مشاركة  في مسابقة  شركة مايكروسوفت , و علق المهند عن ما شاهده من الافلام في المهرجان بانه يغلب عليها طابع واحد و هو الاهتمام  البصري الملفت جدا لكن  مستوى الفكرة و القصة و الاداء بسيط جدا  و بالنسبة لمهند استمتاع الجمهور اهم من الفوز باي جائزة , و يسعى المخرج المهند الى توظيف الادوات السينمائية لإبراز الفن و الجمال و المعاملة في الدين بلغة بصرية خلابة و اداء مناسب , كما يعتقد مهند ان عرض الافلام في مواقع التواصل الاجتماعي هدفه يختلف عن عرض الافلام في السينما حيث الاعمال التي تعرض على مواقع التواصل الاجتماعي تصنف ضمن الاعمال التي تعطي حلول للمشاكل و معالجة قضايا يومية اجتماعية و اعمال لحظية تنتهي بزوال القضية , بينما الفلم السينمائي لا يعنى بحدث يومي او حل لمشكلة اسرية بل يهدف الى تخليد تاريخ او صياغة رؤية مستقبلية و مع مرور الزمن لا يموت الفلم السينمائي و تستمر الحياة فيه بتكرار مشاهدته و ان تقادم عليه التاريخ و لنا في افلام سينمائية قديمة خالدة مثال حي بكوننا مازلنا نشاهدها من انتاج 1900 و 1910 و نستمتع فيها , نوه المهند انه قبل المطالبة بدور سينما و صالات عرض , علينا أن نهتم بالمحتوى و ذلك من خلال فتح نوافذ في وزارة التعليم في تدريس فنون الاخراج و الصورة ,  اضافة الى تفعيل دور وزارة الثقافة و الاعلام في وضح لوائح تفيد و تدعم المخرج و الكاتب و المنتج و مختلف التخصصات الاخرى و تحفظ حقوقهم لتكون الصناعة و الصناع محترمين و لهم مكانة و قانون يحميه و رفع المستوى العلمي و الثقافي , حينها سيكون الفن رسالة سامية و حضارية .

المخرج بدر الحمود احد المخرجين الشباب الابرز في صناعة الافلام السعودية عبر عن امتنانه و سعادته البالغة لمشاركته في المهرجان بفلم / سكراب من بطولة الفنانة القديرة سناء بكر يونس , حيث كان المهرجان حلم و تحقق للمخرجين  حسب وصف الحمود  الذي يعني له شعار المهرجان في لمح البصر الكثير و يذكره بالمشاركة في الدورة الاولى و حرك داخله تلك الذكريات  الكامنة في الوجدان , و يرى الحمود ان الافلام المشاركة مستواها عالي جدا و لا يتردد  دون مبالغة في القول بأن مستوى الافلام التي شاهدها تفوق افلام عدة سبق و شاهدها في مهرجانات اقليمية هذه السنة تحديداً , يعمل حاليا على  التحضير لاخراج فيلم قصير جديد و سيشارك به في النسخة القادمة من المهرجان باذن الله , و يرى ان اليوتيوب منصة عرض مضطرين لها لغياب السينما و لا تكفي او تغني عن وجود صالات العرض و من المحبط جدا ان تصنع فلمك بمعايير سينمائية عالية و يتم عرضه على شاشة صغيرة لجهاز نقال , السينما لها خصوصية و طابع ساحر مختلف , و يجزم الحمود أنه لن تكون سينما حقيقية دون دور سينما .

bottom of page